الأحد، يناير 17، 2010

10 ـ بعض الأنكحة المختلف فيها /ج3

رابعا : النكاح العرفي
الزواج العرفي : نسبة إلى العرف، والعرف في لغة العرب "العلم" تقول العرب: "عرفه يعرفه عرفة، وعرفاناً ومعرفة واعترفه، وعرفه الأمر: أعلمه إياه، وعرفه بيته: أعلمه بمكانه. والتعريف: الإعلام، وتعارف القوم، عرف بعضهم بعضاً، والمعروف: ضد المنكر، والعرف: ضد النُّكر
وتطلق العرب "العرف" على "كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه".
الزواج العرفي في الاصطلاح :
عرفته مجلة البحوث الفقهية باعتباره علماً على معنى محدد _تعريفاً دقيقاً فقالت:
"هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوباً أو غير مكتوب".
سمي عرفيا : لأن المجتمع الاسلامي مند عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم وما بعدهم من عصور لم يكن المسلمون يوثقون عقود النكاح .
حكم الزواج العرفي واقوال العلماء فيه :
اولا :
العقد العرفي الذي تمّ بإيجاب وقبول بين الرجل والمرأة من غير ولي ولا شهود ولا إعلان فهو زواج باطل باتفاق أهل العلم، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "نكاح السر الذي يتواصى بكتمانه ولا يشهدون عليه أحداً باطل عند عامة العلماء، وهو من جنس السفاح.
وهده الصورة تخرج عن محل الخلاف .
ثانيا : العقد العرفي الذي تم بإيجاب وقبول بين رجل وامرأة وبشاهدين من غير ولي باطل عند الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد لأن الولي شرط في صحة النكاح عندهم، فإن كان سرّاً فهو باطل عند مالك لكونه نكاح سرّ، ولخلوه من الولي. أما عند الإمام أبي حنيفة فإنه لا يبطل العقد بخلوه من الولي، ولكنه يرى أن من حق الولي مطالبة القاضي بفسخ العقد إذا كان الزوج غير كفء

ولكن الخلاف في الزواج المستوفي لجميع اركانه وشروطه مع انتفاء موانع الصحة ولكن يفتقد التوثيق الرسمي في الجهات المختصة .
والعلماء في دلك على ثلاثة اقوال :
القول الاول :
إذا كان النكاح العرفي قد تم بإيجاب من الولي وقبول من الزوج، وشهد عليه شاهدان على الأقل، وجرى الإعلان عنه، فهذا زواج شرعي صحيح وإن لم يسجل في الدوائر الرسمية، ولم تصدر به وثيقة رسمية.
القول الثاني :
القول بحرمة هذا الزواج وبطلانه
القول الثالث :
يجب شرعاً تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ومن لم يفعل ذلك فهو آثم وإن كان العقد صحيحاً تترتب عليه آثاره الشرعية ولا ينبغي لأحد أن يشجع على الزواج العرفي فالعقد صحيح مع اثم من يفعل دلك
دليل اصحاب القول الاول :
ان هدا عقد مستوفي الاركان والشروط المطلوبة في عقد النكاح وكان الحال عليه مند عهد النبي صلى الله عليه وسلم الى عهد قريب وليس من اركان او شروط العقد التوثيق الرسمي ويكتفى بالشهادة لاثبات الحقوق .
ادلة اصحاب القول الثاني :
ان هد يعتبر من انكحة السر لعدم الاعلان والاشهار
ورد هدا بانه لا يشترط الاشهار عند الجمهور ووجود الولي والشهود ينفي السرية
واستدلوا بان عدم التوثيق تضيع معه الحقوق
وردهدا بان الاشهاد للزواج شرع لحفظ الحقوق والتوثيق ليس بركن ولا شرط في العقد
واستدلوا بان فيه مخالفة لولي الامر الدي طلب التوثيق وقد امرنا بطاعته بادلة من الكتاب والسنة
ورد هدا بان السمع والطاعة في غير معصية واحيانا في بعض البلاد التي تحرم التعدد او تحديد سن الزواج قد تجعل الناس يعصون الله ويقعون في المحرم .
ادلة اصحاب القول الثالث :
ان النكاح صحيح لاستيفاءه اركان وشروط العقد ويلكن ياثم فاعله لمخالفته ولي الا مر الدي امر بدلك وقد امرنا تعالى بطاعته
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )
و قال النبي عليه الصلاة والسلام (( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)).
وقد يكون الشيء صحيحًا ومع ذلك يكون حرامًا، كالذي يُصلِّي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة، ولكنها حرام من أجل سرقة ما يَسْتُرُ الْعَوْرَة لتصح الصلاة .
الترجيح :
لان النكاح مستوفي الاركان والشروط فانا لا نستطيع ان نقول بحرمته مطلقا وانه كالزنا وفي نفس الوقت لا نقول باباحته مطلقا درءا للمفاسد وحفظا لحقوق الزوجة والاولاد وولي الامر ولاستتباب الامن الاجتماعي
والأولى في ذلك أن توازن المصالح والمفاسد بحيث لا يكون الزواج العرفي ضرباً من العبث أو سبباً لانتشار الفساد وإذا أصدر ولي الأمر أمراً يتعلق بذلك فيجب الالتزام به حتى تضبط الأمور ويكون هذا من قبيل السياسة الشرعية ،و يجب شرعاً تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ومن لم يفعل ذلك فهو آثم وإن كان العقد صحيحاً تترتب عليه آثاره الشرعية ولا ينبغي لأحد أن يشجع على الزواج العرفي لما يترتب عليه من مفاسد وضياع لحقوق الزوجة والأولاد. وعلى النساء وأولياءهم الا يقبلوا بالزواج العرفي وأن يحرصوا أشد الحرص على الزواج الصحيح الموثق بوثيقة رسمية ، والله اعلم .

ليست هناك تعليقات: