السبت، يناير 16، 2010

9 ـ الكشف الطبي ما قبل الزواج

9 ـ الكشف الطبي ما قبل الزواج

ما هو موقف الشرع من الفحوصات الطبية قبل الزواج؟ وهل يجوز اجبار الناس عليه بحيث لا يترك الأمر لمجرد الرغبات أو مرهونا باختلاف الوعي ؟
ما هوالفحص الطبي؟ :
هو الكشف بالوسائل المتاحة (من أشعة وتحليل وكشف جيني ونحوه) لمعرفة ما بأحد الخاطبين من أمراض معدية أو مؤثرة في مقاصد الزواج .
ومن الأمراض التي أصبح بالإمكان الكشف عن حاملها، وبالتالي تفادي إصابة الأطفال بها أمراض الدم الوراثية، كالأنيميا المنجلية أو أنيميا البحر المتوسط .
وكدا أمراض الجهاز العصبي كمرض ضمور العضلات الجذعي وأمراض ضمور العضلات باختلاف أنواعها وضمور المخ والمخيخ.
ايضا أمراض الغدد الصماء خاصة أمراض الغدة الكظرية و الغدة الدرقية. و معظم هذه الأمراض تنتقل بالوراثة المتنحية والتي يلعب زواج الأقارب فيها دورا كبيرا في زيادة أعدادها.


والفحص الطبي قبل الزواج من الأمور المستحدثة في الفقه الإسلامي ، ولم يتعرض له فقهاؤنا القدامى ، لدا لابد من التمهيد بدكر الايجابيات والسلبيات لاهميتها في الحكم على المسألة .

أولا : ايجابيات الفحص الطبي :
1 - أن المقدمين على الزواج يكونون على علم بالأمراض الوراثية المحتملة للذرية إن وجدت فتتسع الخيارات في عدم الإنجاب أو عدم إتمام الزواج.
2 - تقديم النصح للمقبلين على الزواج إذا ما تبين وجود ما يستدعي ذلك بعد استقصاء التاريخ المرضي والفحص السريري واختلاف زمر الدم.
3 - قد يكون سببا لاكتشاف مرض يمكن علاجه مثل مرض (التلاسيميا) وهو المرض الذي ينتشر بشكل واسع وواضح في حوض البحر المتوسط فقد توجد وسائل للوقاية من حدوثه قبل الزواج فادا اكتشف مبكرا يمكن الوقاية منه .
4 – المحافظة على سلامة الزوجين من الأمراض، فقد يكون أحدهما مصاباً بمرض يعد معدياً فينقل العدوى إلى زوجه السليم.
5 – إن عقد الزواج عقد عظيم يبنى على أساس الدوام والاستمرار، فإذا تبين بعد الزواج أن أحد الزوجين مصاب بمرض فإن هذا قد يكون سبباً في إنهاء الحياة الزوجية لعدم قبول الطرف الآخر به.
6 – بالفحص الطبي يتم الحد من انتشار الأمراض المعدية والتقليل من ولادة أطفال مشوهين أو معاقين والذين يسببون متاعب لأسرهم ومجتمعاتهم .


ثانيا : سلبيات الفحص الطبي :
1– إيهام الناس أن إجراء الفحص سيقيهم من الأمراض الوراثية، وهذا غير صحيح؛ لأن الفحص لا يبحث في الغالب سوى عن مرضين أو ثلاثة منتشرة في مجتمع معين.
2 – إيهام الناس أن زواج الأقارب هو السبب المباشر لهذه الأمراض المنتشرة في مجتمعاتنا، وهو غير صحيح إطلاقاً.
3 – قد يحدث تسريب لنتائج الفحص ويتضرر أصحابها، لا سيما المرأة فقد يعزف عنها الخطاب إذا علموا أن زواجها لم يتم بغض النظر عن نوع المرض وينشأ عن ذلك المشاكل.
4 – يجعل هذا الفحص حياة بعض الناس قلقة مكتئبة ويائسة إذا ما تم إعلام الشخص بأنه سيصاب هو أو ذريته بمرض عضال لا شفاء له من الناحية الطبية.
5 – التكلفة المادية التي يتعذر على البعض الالتزام بها وفي حال إلزام الحكومات بجعل الفحوص شرطاً للزواج ستزداد المشاكل حدة، وإخراج شهادات صحية من المستشفيات الحكومية وغيرها أمر غاية في السهولة، فيصبح مجرد روتين يعطى مقابل مبلغ من المال .



وقد استعرض مجلس مجمع الفقه هدا الموضوع و قرر ما يلي:

أولاً: إن للفحص الطبي قبل الزواج فوائد من حيث التعرف على الأمراض المعدية أو المؤثرة وبالتالي الامتناع عن الزواج ولكن له - وبالأخص للفحص الجيني - سلبيات ومحاذير من حيث كشف المستور، وما يترتب على ذلك من أضرار بنفسية الآخر المصاب ومستقبله.

ثانيا: لا مانع شرعا من الفحص الطبي بما فيه الفحص الجيني للاستفادة منه للعلاج مع مراعاة الستر.

ثالثا: لا مانع من اشتراط أحد الخاطبين على الآخر إجراء الفحص الجيني قبل الزواج.

رابعا: لا مانع من اتفاقهما على إجراء الفحص الطبي (غير الجيني) قبل الزواج على أن يلتزما بآداب الإسلام في الستر وعدم الإضرار بالآخر.

خامسا: لا يجوز لأحدهما أن يكتم عن الآخر عند الزواج ما به من أمراض معدية أو مؤثرة إن وجدت، وفي حالة كتمانه ذلك وتحقق إصابة أحدهما أو موته بسبب ذلك فإن الطرف المتسبب يتحمل كل ما يترتب عليه من عقوبات وتعويضات حسب أحكام الشرع وضوابطه.

سادسا: يحق لكليهما المطالبة بالفسخ بعد عقد النكاح إذا ثبت أن الطرف الآخر مصاب بالأمراض المعدية أو المؤثرة في مقاصد الزواج.


ولكن هل يجوز للدولة أن تلزم كل من يتقدم للزواج بإجراء الفحص الطبي وتجعله شرطاً لإتمام الزواج؟ أم هو اختياري فقط؟

اختلف العلماء والباحثون المعاصرون في هذه المسألة، ويمكن تلخيص آرائهم على النحو التالي:

القول الأول:
يجوز لولي الأمر إصدار قانون يلزم فيه كل المتقدمين للزواج بإجراء الفحص الطبي بحيث لا يتم الزواج إلا بعد إعطاء شهادة طبية تثبت أنه لائق طبياً.

القول الثاني:
لا يجوز إجبار أي شخص لإجراء الاختبار الوراثي، ويجوز تشجيع الناس ونشر الوعي بالوسائل المختلفة بأهمية الاختبار الوراثي.
الأدلة:
أولا : استدل القائلون بالجوازبما يلي :
1 ـ بقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) سورة النساء (59)
وجه الدلالة:أن المباح إذا أمر به ولي الأمر المسلم للمصلحة العامة يصبح واجباً ويلتزم المسلم بتطبيقه.
2 ـ قال تعالى: ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) سورة البقرة (195)
وجه الدلالة: أن بعض الأمراض المعدية تنتقل بالزواج فإذا كان الفحص يكون سبباً في الوقاية تعين ذلك.
3 ـ قوله تعالى: ( هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ) سورة آل عمران (38)
وجه الدلالة:أن المحافظة على النسل من الكليات الست التي اهتمت بها الشريعة، فلا مانع من حرص الإنسان على أن يكون نسله المستقبلي صالحاً غير معيب، ولا تكون الذرية صالحة وقرة للعين إذا كانت مشوهة وناقصة الأعضاء متخلفة العقل، وكل هذه الأمراض تهدف لتجنبها عملية الفحص الطبي.

4 ـ حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا توردوا الممرض على المصح ".
وجه الدلالة: أن النص فيه أمر باجتناب المصابين بالأمراض المعدية والوراثية.
5 ـ حديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد"
وهذا لا يعلم إلا من الفحص الطبي .
6 ـ إن الفحص الطبي لا يعتبر افتئاتاً على الحرية الشخصية؛ لأن فيه مصلحة تعود على الفرد أولاً وعلى المجتمع والأمة ثانياً، وإن نتج عن هذا التنظيم ضرر خاص لفرد أو أفراد فإن القواعد الفقهية تقرر أن "يرتكب أهون الشرين" وأنه "يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام".
7 ـ قاعدة "الدفع أولى من الرفع" حيث إنه إذا أمكن دفع الضرر قبل وقوعه فهذا أولى وأسهل من رفعه بعد الوقوع .
8 ـ "الوسائل لها حكم الغايات". فإذا كانت الغاية هي سلامة الإنسان العقلية والجسدية؛ فإن الوسيلة المحققة لذلك مشروعة، وطالما أن الفحص الطبي قبل الزواج يحقق مصالح مشروعة للفرد الجديد وللأسرة والمجتمع ويدرأ مفاسد اجتماعية ومالية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وهذه من الأسباب المأمور بها شرعاً .
ثانيا : ادلة اصحاب القول الثاني المانعون لإجبار الشخص للفحص الوراثي :
1) أن أركان النكاح وشروطه التي جاءت بها الأدلة الشرعية محددة، وإيجاب أمر على الناس وجعله شرطاً للنكاح تَزيّد على شرع الله، وهو شرط باطل، وقد صح قوله عليه الصلاة والسلام: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل...".
2) أن النكاح لا يلزم منه الذرية، فقد يتزوج الرجل لأجل المتعة فقط فلا وجه لإلزامه بالفحص الوراثي كما هو الحال في كبار السن.
3) أن الفحص غالباً سيكون على مرضين أو ثلاثة أو حتى عشرة، والأمراض الوراثية المعلومة اليوم أكثر من 8000 مرض، وكل عام يكتشف أمر جديد، فإذا ألزمنا الناس بالفحص عنها جميعاً فقد يتعذر الزواج ويصعب وينتشر الفساد.
4) قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم مـن ترضون دينه وخلقه فزوجوه".وجه الدلالة: لم يقل صلى الله عليه وسلم: "وصحته". والأصل أن الإنسان سليم، وقد اكتفى بالأصول: الدين والخلق .
5) إن تصرفات ولي الأمر في جعل الأمور المباحة واجباً إنما تجب الطاعة إذا تعينت فيه المصلحة أو غلبت للقاعدة الفقهية "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة" .
6) ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف" وإلزام الناس بالكشف قبل الزواج فيه مفاسد عظيمة تزيد على المصالح المرجوة – وقد تقدم بيانها -.
7) ما جاء في الحديث القدسي: " أنا عند ظن عبدي بي" . وجه الدلالة: أن المتقدم للزواج ينبغي أن يحسن الظن بالله ويتوكل على الله ويتزوج، والكشف يعطي نتائج قد تكون غير صحيحة أحياناً .

الترجيـح:
* لولي المرأة أن يشترط من المتقدم للخطبة إجراء الفحص إذا كانت هناك قرائن تدل على احتمال الإصابة بالمرض سواء للمخطوبة أو للذرية مستقبلا، وللخاطب ان يقبل ا وان يتراجع

ا* ما بالنسبة لالزام الدولة : فالقول بجواز الزام الدوله للخاطبين باجراء مثل هذه الفحوص، بغير إلزام بنتائجها من قبل الدولة أو المجتمع، وهو حق لكلا الخاطبين يمكنه العمل به فيعدل عن خطبته به أو الاستمرار في اكمال اجراءات الزواج ، والله أعلم.

ملاحظة :
وينبغي ان تبقى نتائج الفحص بشكل سري ويشرح الطبيب المختص الاحتمالات التي يمكن أن تحدث لذريتهما لو تزوجا.
و الطبيب والدولة لا يتدخلان في القرار النهائي فالرجل والمرأة لهما الحرية المطلقة في اتخاذ القرار المناسب لهما.و ما عليهما إلا أن يستخيرا في قرار الزواج .
و لو حدث و تزوجا مع علمهما انه من المكن أن يرزقا بأطفال مصابين بمرض وراثي فان معرفتهما بهذا الاحتمال بإذن الله سوف يقوي من ترابطهما، هذا لو قارناه بمن لم يعلم وفجأة يجد نفسه أمام معلومات وراثية خطيرة لم يعلمها من قبل ، قد تعصف بأسرته وتشرد أطفاله المصابين بالمرض. هذا إذا قلنا أنهما سوف يتزوجان .
أما لو قررا أن لا يتزوجا فبإمكانهما البحث عن زوج أخر وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم.

الكفاءة في عقد النكاح /ج2

ثانياً : ما هي الكفاءة المعتبرة ؟
اختلف الفقهاء في الأمور التي تعتبر فيها الكفاءة على أربعة أقوال :
القول الأول : الكفــاءة في الــدين فقط ، وهو مذهب المالكية ،وزاد المتأخرين منهم السلامة من العيوب ، وقول للشافعية .
القول الثاني : االكفاءة المعتبرة هي الدين والمنصب ـ أي الحسب والنسب ـ فقط لاغير ، وهو رواية في المذهب الحنبلي .
القول الثالث: إن الكفاءة المعتبرة في خمسة أمور هي :الدين والنسب والصناعة والحرية واليسار ، وهو قول الحنفية ، و المذهب عند الحنابلة وقول عند الشافعية .
القول الرابع : أنها الخمسة السابقة ، والسلامة من العيوب ، فتكون ستة ، وهو مذهب الشافعية .
ونلاحظ مما سبق : ان القول باعتبار الكفاءة في الدين هو الذي اتفق عليه في الاقوال السابقة ، وهو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة . وما عداه فهو محل اختلاف .
والادلة على ان الدين من الكفاءة من الكتاب والسنة :
أ / الكتاب :
1 ـ قال تعالى( إن أكرمكم عندالله أتقاكم ) الحجرات 13 .
2 ـ وقال تعالى( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) التوبة 71 .
3 ـ وقال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) الحجرات 10 .
4 ـ وقال تعالى ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ) سورة البقرة 221 .
5 ـ وقال تعالى ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) النور 3 .
ب / الأحاديث والآثار ، ومنها :
1 – حديث عائشة " أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة زوج مولاه سالماً ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة " . رواه البخاري وغيره .
2 –زوج النبي صلى الله عليه وسلم مولاه زيد بن حارثة بابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية . رواه الدارقطني في سننه وغيره.
3 –أمر النبي صلى الله عليه وســلم فاطمة بنت قيس أن تنكـح أسامة بن زيد فنكحها بأمره . رواه مسلم .
4- قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضــون دينه وخلقه فأنكــحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفســاد ... ) رواه الترمذي
وفي رواية : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي.
5 – ( لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ) رواه أحمد في المسند.

واستدل على اعتبار النسب :
1 ـ بأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء ، قال : قلت وما الأكفاء ؟ قال في الحسب . (
2 – أثر سلمان رضي الله عنه " إنكم معشر العرب لا يتقدم عليكم في صــلاتكم ولا تنكح نســاؤكم " .
وقد رواه البيهقي في سننه بلفظ " لا نـَنكح نساءكم ولا نؤمكم " . وذكره ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ، وساق إسناده من مسند البزار ، ثم قال " هذا إسناد جيد " .
3 ـ قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم " رواه مسلم .
4 ـ قال ابن قدامة " ولأن العرب يعدُّون الكفاءة في النسب ويأنفون من نكاح الموالي ، ويرون ذلك نقصاً وعاراً ، فإذا أطلقت الكفاءة وجب حملها على المتعارف " .

الرد على هذه الاستدلالات :
يطول الحديث في مناقشة الاستدلالات ولكن يرد عليها جملة بأن القول بمنع تزويج ذات الحسب بمن هو دونها في النسب ، يعارضه الأدلة الصريحة في تزويج زيد بن حارثة وابنه أسامة وسالم مولى أبي حذيفة وبلال بن رباح وغيرهم بالقرشيات ، وقد أقر ذلك رسول الله صـــلى الله عليه وسلم .
الادلة على قول من قال باعتبار الحرية :
1 ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بريرة رضي الله عنها لما اعتقت وهي تحت مغيث وهو عبد واختارت عدم الرجوع ولم يجبرها على المراجعة مما يدل على اعتبار الحرية .
2 ـ ان الرق نقص وضرر لانشغال الرق بخدمة سيده .
الادلة على قول من قال باعتبار الصناعة :
1 ـ ( العرب بعضهم لبعض اكفاء الاحائكا أو حجاما ) .
2 ـ انالصنعة اذا كانت دنيئة فهي نقص في عرف الناس .
الادلة على قول من قال باعتبار اليسار :
1 ـ (ان أحساب الناس بينهم في هذه الدنيا هذا المال ) .
2 ـ ان الموسرة تتضرر بعسر زوجها وهذا يعد نقصا في عرف الناس .
الادلة على قول من قال باعتبار السلامة من العيوب :
ان الشخص المعيب لا يكافيء السليم والانسان السليم يعاف المعيب بطبعه .
الراجح :هو اعتبار الكفاءة في الدين لقوة الادلة اما باقي الامور فهي اما ادلتها ضعيفة او غير صريحة ولكن لا يمنع ذلك من اعتبار العرف ومراعاته اذا لم يكن في ذلك الحاق بالضرر للفتاة ،والله اعلم

8 ـ الكفـــاءة في عقد النكــاح /ج1

8 ـ الكفـــاءة في عقد النكــاح

الكفاءة لغة : المساواة والمماثلة
والمراد بها في كتاب النكاح : ان يكون الزوج نظيرا للزوجة .

ممن تعتبر الكفاءة شرعا ؟
تعتبر الكفاءة في الزواج من الزوج دون الزوجة فهو الذي يشترط فيه ان يكون مساويا للمرأة في صفات مخصوصة على اختلاف في تحديد هذه الصفات كما سياتي لاحقا .
ولا يشترط في المرأة أن تكون مساوية لرجل .

ما حكم الكفاءة ؟ هل هي شرط في صحة النكاح ؟ أم لا ؟ .

القول الأول : ـ ذهب الجمهور إلى أن الكفاءة في الزوج شرط للزوم الزواج، لا لصحته ، فيصح النكاح مع فقدها، وهي حق للمرأة والأولياء كلهم القريب والبعيد، لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة، فلو زوجت المرأة بغير كفء، فلمن لم يرض بالنكاح الفسخ، فوراً أو تراخياً، سواء من المرأة أو الأولياء جميعهم؛ لأنه خيار لنقص في المعقود عليه كخيار البيع، ويملكه الأبعد من الأولياء مع رضا الأقرب منهم به، ومع رضا الزوجة، دفعاً لما يلحقه من لحوق العار .
الأدلة على أن الكفاءة شرط لزوم لا شرط صحة :
1 ـ قوله تعــــالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
2 ـ قول عائشة رضي الله عنها : ( إن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة تبنّى سالماً وأنكحه ابنة أخيه هند ابنة الوليد بن عتبة , وهو مولى لامرأة من الأنصار. ) أخرجه البخاري .
3 ـ ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تنكح أســامة بن زيد مــولاه , فنكــحها بأمــره ). متفق عليه.
4 ـ زوّج النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وهو من الموالى ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية .
5 ـ عن أبي حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت: «رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال».رواه الدارقطني .
6 ـ قال ابن مسعود لأخته : أنشدك الله أن تتزوجي مسلماً , وإن كان أحمر رومياً أو أسود حبشياً .
6 ـ لأن الكفاءة لاتخرج عن كونها حقاً للمرأة , أو الأولياء , أولهما , فلم يشترط وجودها, كالسلامة من العيوب .
7 ـ زوج رجل ابنته من ابن أخيه ليرفع بها خسيسته ، جعل لها النبي صلى الله عليه وسلم الخيار ، فأجازت ما صنع أبوها ، ولو فقد اشترط الكفاءة لم يكن لها خيار .


القول الثاني :ـ اشتراط الكفاءة لصحة النكاح ،وذا رواية عن احمد و قول سفيان .
واستدلوا بادلة منها :
1 ـ قول عمر رضي الله عنه : لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء . رواه الخلال بإسناده .
2 ـ عن أبي إسحاق الهمداني قال : خرج سلمان وجرير في سفر, فأقيمت الصلاة , فقال جرير لسلمان : تقدم أنت. قال سلمان : بل أنت تقدم , فإنكم معشر العرب لا يُِِتقدم عليكم في صلاتكم ولا تنكح نساؤكم , إن الله فضلكم علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعله فيكم .
3 ـ ولأن التزويج مع فقد الكفاءة تصرف في حق من يحدث من الأولياء بغير إذنه , فلم يصح , كما لو زوجها بغير إذنها .
4 ـ قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تُنكحوا النساء إلا من الأكفاء, ولا يزوجهن إلا ألأولياء. رواه الدارقطني .
وقد رد الاستدلال بهذا فان ابن عبدالبر قال : هذا ضعيف لا أصل له , ولا يُحتج بمثله .

القول الثالث : ان الكفاءة في النكاح ليست بشرط صحة ولا شرط لزوم ، وهو قول الكرخي ، واختيار الشيخ ابن عثيمين في شرحه الممتع على زاد المستقنع .

ويمكن ان يستدل بادلة القول الاول ـ الادلة الستة الأولى ـ لهذا القول لانها تدل على عدم اشتراط الكفاءة وليس فيها ما يدل على انها شرط لزوم .

الترجيح :
والصحيح أن الكفاءة ليست بشرط في صحة النكاح .
مسألة :
إن قلنا : ليست الكفاءة شرطاً للصحة ولكنها شرط للزوم ، ورضيت المرأة والأولياء كلهم ، صح النكاح ، وإن لم يرض بعضهم فهل يقع العقد باطلاً من أصله أو صحيحاً ؟ .
فيه روايتان عن أحمد ، وقولان للشافعي .
أحدهما : هو باطل ، لأن الكفاءة حق لجميعهم ، والعاقد متصرف فيها بغير رضاهم فلم يصح ، كتصرف الفضولي .
والثانية : هو صحيح ، بدليل أن المرأة التي رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أباها زوجها من غير كفئها خيّرها ، ولم يبطل النكاح من أصله .. "
ثم قال " فعلى هذه الرواية ، لمن لم يرض الفسخ . وبهذا قال الشافعي ومالك .
وقال أبو حنيفة : إذا رضيت المرأة وبعض الأولياء ، لم يكن لباقي الأولياء فسخ ، لأن هذا الحق لا يتجزأ ، وقد أسقط بعض الشركاء حقه فسقط جميعه ، كالقصاص .

رد المخالفين لأبي حنيفة : أن كل واحد من الأولياء يعتبر رضاه ، فلم يسقط برضى غيره ، كالمرأة مع الولي .
فأما القصاص فلا يثبت لكل واحد كاملاً ، فإذا سقط بعضه تعذر استيفاؤه ، وهاهنا بخلافه .
ولأنه لو زوّجها بدون مهر مثلها ، ملك الباقون ـ عند الحنفية ـ الاعتراض ، مع أنه خالص حقها ، فهاهنا مع أنه حق لهم أولى .
وسواء كانوا متساوين في الدرجة أو متفاوتين ، فزوّج الأقرب ، مثل أن يزوج الأب بغير كفء ، فإن للإخوة الفسخ .
وقال مالك والشافعي : ليس لهم فسخ إذا زوج الأقرب ، لأنه لا حقّ للأبعد معه ، فرضاؤه لا يعتبر.
الرد : أنه وليٌّ في حالٍ ، يلحقه العار بفقد الكفاءة ، فملك الفسخ كالمتساويين " .