السبت، يناير 16، 2010

8 ـ الكفـــاءة في عقد النكــاح /ج1

8 ـ الكفـــاءة في عقد النكــاح

الكفاءة لغة : المساواة والمماثلة
والمراد بها في كتاب النكاح : ان يكون الزوج نظيرا للزوجة .

ممن تعتبر الكفاءة شرعا ؟
تعتبر الكفاءة في الزواج من الزوج دون الزوجة فهو الذي يشترط فيه ان يكون مساويا للمرأة في صفات مخصوصة على اختلاف في تحديد هذه الصفات كما سياتي لاحقا .
ولا يشترط في المرأة أن تكون مساوية لرجل .

ما حكم الكفاءة ؟ هل هي شرط في صحة النكاح ؟ أم لا ؟ .

القول الأول : ـ ذهب الجمهور إلى أن الكفاءة في الزوج شرط للزوم الزواج، لا لصحته ، فيصح النكاح مع فقدها، وهي حق للمرأة والأولياء كلهم القريب والبعيد، لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة، فلو زوجت المرأة بغير كفء، فلمن لم يرض بالنكاح الفسخ، فوراً أو تراخياً، سواء من المرأة أو الأولياء جميعهم؛ لأنه خيار لنقص في المعقود عليه كخيار البيع، ويملكه الأبعد من الأولياء مع رضا الأقرب منهم به، ومع رضا الزوجة، دفعاً لما يلحقه من لحوق العار .
الأدلة على أن الكفاءة شرط لزوم لا شرط صحة :
1 ـ قوله تعــــالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
2 ـ قول عائشة رضي الله عنها : ( إن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة تبنّى سالماً وأنكحه ابنة أخيه هند ابنة الوليد بن عتبة , وهو مولى لامرأة من الأنصار. ) أخرجه البخاري .
3 ـ ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تنكح أســامة بن زيد مــولاه , فنكــحها بأمــره ). متفق عليه.
4 ـ زوّج النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وهو من الموالى ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية .
5 ـ عن أبي حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت: «رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال».رواه الدارقطني .
6 ـ قال ابن مسعود لأخته : أنشدك الله أن تتزوجي مسلماً , وإن كان أحمر رومياً أو أسود حبشياً .
6 ـ لأن الكفاءة لاتخرج عن كونها حقاً للمرأة , أو الأولياء , أولهما , فلم يشترط وجودها, كالسلامة من العيوب .
7 ـ زوج رجل ابنته من ابن أخيه ليرفع بها خسيسته ، جعل لها النبي صلى الله عليه وسلم الخيار ، فأجازت ما صنع أبوها ، ولو فقد اشترط الكفاءة لم يكن لها خيار .


القول الثاني :ـ اشتراط الكفاءة لصحة النكاح ،وذا رواية عن احمد و قول سفيان .
واستدلوا بادلة منها :
1 ـ قول عمر رضي الله عنه : لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء . رواه الخلال بإسناده .
2 ـ عن أبي إسحاق الهمداني قال : خرج سلمان وجرير في سفر, فأقيمت الصلاة , فقال جرير لسلمان : تقدم أنت. قال سلمان : بل أنت تقدم , فإنكم معشر العرب لا يُِِتقدم عليكم في صلاتكم ولا تنكح نساؤكم , إن الله فضلكم علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعله فيكم .
3 ـ ولأن التزويج مع فقد الكفاءة تصرف في حق من يحدث من الأولياء بغير إذنه , فلم يصح , كما لو زوجها بغير إذنها .
4 ـ قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تُنكحوا النساء إلا من الأكفاء, ولا يزوجهن إلا ألأولياء. رواه الدارقطني .
وقد رد الاستدلال بهذا فان ابن عبدالبر قال : هذا ضعيف لا أصل له , ولا يُحتج بمثله .

القول الثالث : ان الكفاءة في النكاح ليست بشرط صحة ولا شرط لزوم ، وهو قول الكرخي ، واختيار الشيخ ابن عثيمين في شرحه الممتع على زاد المستقنع .

ويمكن ان يستدل بادلة القول الاول ـ الادلة الستة الأولى ـ لهذا القول لانها تدل على عدم اشتراط الكفاءة وليس فيها ما يدل على انها شرط لزوم .

الترجيح :
والصحيح أن الكفاءة ليست بشرط في صحة النكاح .
مسألة :
إن قلنا : ليست الكفاءة شرطاً للصحة ولكنها شرط للزوم ، ورضيت المرأة والأولياء كلهم ، صح النكاح ، وإن لم يرض بعضهم فهل يقع العقد باطلاً من أصله أو صحيحاً ؟ .
فيه روايتان عن أحمد ، وقولان للشافعي .
أحدهما : هو باطل ، لأن الكفاءة حق لجميعهم ، والعاقد متصرف فيها بغير رضاهم فلم يصح ، كتصرف الفضولي .
والثانية : هو صحيح ، بدليل أن المرأة التي رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أباها زوجها من غير كفئها خيّرها ، ولم يبطل النكاح من أصله .. "
ثم قال " فعلى هذه الرواية ، لمن لم يرض الفسخ . وبهذا قال الشافعي ومالك .
وقال أبو حنيفة : إذا رضيت المرأة وبعض الأولياء ، لم يكن لباقي الأولياء فسخ ، لأن هذا الحق لا يتجزأ ، وقد أسقط بعض الشركاء حقه فسقط جميعه ، كالقصاص .

رد المخالفين لأبي حنيفة : أن كل واحد من الأولياء يعتبر رضاه ، فلم يسقط برضى غيره ، كالمرأة مع الولي .
فأما القصاص فلا يثبت لكل واحد كاملاً ، فإذا سقط بعضه تعذر استيفاؤه ، وهاهنا بخلافه .
ولأنه لو زوّجها بدون مهر مثلها ، ملك الباقون ـ عند الحنفية ـ الاعتراض ، مع أنه خالص حقها ، فهاهنا مع أنه حق لهم أولى .
وسواء كانوا متساوين في الدرجة أو متفاوتين ، فزوّج الأقرب ، مثل أن يزوج الأب بغير كفء ، فإن للإخوة الفسخ .
وقال مالك والشافعي : ليس لهم فسخ إذا زوج الأقرب ، لأنه لا حقّ للأبعد معه ، فرضاؤه لا يعتبر.
الرد : أنه وليٌّ في حالٍ ، يلحقه العار بفقد الكفاءة ، فملك الفسخ كالمتساويين " .

ليست هناك تعليقات: