السبت، يناير 16، 2010

الكفاءة في عقد النكاح /ج2

ثانياً : ما هي الكفاءة المعتبرة ؟
اختلف الفقهاء في الأمور التي تعتبر فيها الكفاءة على أربعة أقوال :
القول الأول : الكفــاءة في الــدين فقط ، وهو مذهب المالكية ،وزاد المتأخرين منهم السلامة من العيوب ، وقول للشافعية .
القول الثاني : االكفاءة المعتبرة هي الدين والمنصب ـ أي الحسب والنسب ـ فقط لاغير ، وهو رواية في المذهب الحنبلي .
القول الثالث: إن الكفاءة المعتبرة في خمسة أمور هي :الدين والنسب والصناعة والحرية واليسار ، وهو قول الحنفية ، و المذهب عند الحنابلة وقول عند الشافعية .
القول الرابع : أنها الخمسة السابقة ، والسلامة من العيوب ، فتكون ستة ، وهو مذهب الشافعية .
ونلاحظ مما سبق : ان القول باعتبار الكفاءة في الدين هو الذي اتفق عليه في الاقوال السابقة ، وهو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة . وما عداه فهو محل اختلاف .
والادلة على ان الدين من الكفاءة من الكتاب والسنة :
أ / الكتاب :
1 ـ قال تعالى( إن أكرمكم عندالله أتقاكم ) الحجرات 13 .
2 ـ وقال تعالى( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) التوبة 71 .
3 ـ وقال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) الحجرات 10 .
4 ـ وقال تعالى ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ) سورة البقرة 221 .
5 ـ وقال تعالى ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) النور 3 .
ب / الأحاديث والآثار ، ومنها :
1 – حديث عائشة " أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة زوج مولاه سالماً ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة " . رواه البخاري وغيره .
2 –زوج النبي صلى الله عليه وسلم مولاه زيد بن حارثة بابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية . رواه الدارقطني في سننه وغيره.
3 –أمر النبي صلى الله عليه وســلم فاطمة بنت قيس أن تنكـح أسامة بن زيد فنكحها بأمره . رواه مسلم .
4- قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضــون دينه وخلقه فأنكــحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفســاد ... ) رواه الترمذي
وفي رواية : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي.
5 – ( لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ) رواه أحمد في المسند.

واستدل على اعتبار النسب :
1 ـ بأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء ، قال : قلت وما الأكفاء ؟ قال في الحسب . (
2 – أثر سلمان رضي الله عنه " إنكم معشر العرب لا يتقدم عليكم في صــلاتكم ولا تنكح نســاؤكم " .
وقد رواه البيهقي في سننه بلفظ " لا نـَنكح نساءكم ولا نؤمكم " . وذكره ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ، وساق إسناده من مسند البزار ، ثم قال " هذا إسناد جيد " .
3 ـ قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم " رواه مسلم .
4 ـ قال ابن قدامة " ولأن العرب يعدُّون الكفاءة في النسب ويأنفون من نكاح الموالي ، ويرون ذلك نقصاً وعاراً ، فإذا أطلقت الكفاءة وجب حملها على المتعارف " .

الرد على هذه الاستدلالات :
يطول الحديث في مناقشة الاستدلالات ولكن يرد عليها جملة بأن القول بمنع تزويج ذات الحسب بمن هو دونها في النسب ، يعارضه الأدلة الصريحة في تزويج زيد بن حارثة وابنه أسامة وسالم مولى أبي حذيفة وبلال بن رباح وغيرهم بالقرشيات ، وقد أقر ذلك رسول الله صـــلى الله عليه وسلم .
الادلة على قول من قال باعتبار الحرية :
1 ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بريرة رضي الله عنها لما اعتقت وهي تحت مغيث وهو عبد واختارت عدم الرجوع ولم يجبرها على المراجعة مما يدل على اعتبار الحرية .
2 ـ ان الرق نقص وضرر لانشغال الرق بخدمة سيده .
الادلة على قول من قال باعتبار الصناعة :
1 ـ ( العرب بعضهم لبعض اكفاء الاحائكا أو حجاما ) .
2 ـ انالصنعة اذا كانت دنيئة فهي نقص في عرف الناس .
الادلة على قول من قال باعتبار اليسار :
1 ـ (ان أحساب الناس بينهم في هذه الدنيا هذا المال ) .
2 ـ ان الموسرة تتضرر بعسر زوجها وهذا يعد نقصا في عرف الناس .
الادلة على قول من قال باعتبار السلامة من العيوب :
ان الشخص المعيب لا يكافيء السليم والانسان السليم يعاف المعيب بطبعه .
الراجح :هو اعتبار الكفاءة في الدين لقوة الادلة اما باقي الامور فهي اما ادلتها ضعيفة او غير صريحة ولكن لا يمنع ذلك من اعتبار العرف ومراعاته اذا لم يكن في ذلك الحاق بالضرر للفتاة ،والله اعلم

ليست هناك تعليقات: